» وقع بين يدي من تأليفها عنونته «مآخذاجتماعية على حياة المرأة العربية» ، وهو في الحقيقة محاضرة ألقتها نازك ضمن فعاليات الموسم الثقافي الرابع لجامعة البصرة في 5/3 /1968 وعلق عليه محمد عيد عباسي. يبدأ الكتيب بمقدمة طويلة لعباسي تجاوز 18 صفحة يتحدث فيها عن استشراء تيار (التقليد الأعمى) للمجتمعات الغربية لاسيما في أفكارها وأخلاقها وأزيائها والاستسلام الكامل تقريباً لما يرد إلينا من الخارج دون وعي أو تفكير ودون تبصر أو تمييز.
[size=16]ويضيف عباس : « إننا لاننكر أن لدى الأمم الاخرى حسنات وفضائل وتقدماً وعلماً ،وهذا لايمنعنا أبداً من أن نأخذ عنها ، ونفيد منها فالعلوم والحضارة والمكتشفات ليست ملك أمة بذاتها ، ولامقصورة على دولة بعينها » .
[size=16]ويتابع المحقق في الحديث عن الاستهداف الذي تعرضت له أمتنا وضرورة الدفاع عنها إلى أن يتحدث عن هذه المحاضرة :
[size=16]« وقد القت الكاتبة الفاضلة هذه المحاضرة القيمة في جامعة البصرة ،وشهدها جمهور المثقفين فيها ، ونالت اعجاب المخلصين الغيورين ،والمفكرين المنصفين ،وقد نشرتها مجلة (الجامعة) بالبصرة ،ثم مجلة الآداب في بيروت » .
[size=16]تستهل نازك محاضرتها بتحديدالمفهوم الصحيح للحرية وهو « سقوط القيود والأغلال عن الذهن الانساني بحيث يقوى على فرض نظرة جديدة أصيلة الى الأشياء كلها ويستطيع أن يغيرها وفق حاجته الروحية ،فإذا وجد خطأ أو قبحاً أو ضرراً استطاع أن يحتج عليه ،ويرفضه ويغيره إلى ماينفع الحياة الإنسانية ويخصبها ويجملها والمرأة ،مع الأسف ،مازالت تنقصها هذه النظرة الحرة إلى الأشياء ».
[size=16]ثم تنتقل بعد ذلك للحديث عن الارتباط بين الانسان وروحه ،كذلك الدعوى الكاذبة التي يطلقها الغرب لمفهوم تحرر المرأة،وتستعرض بعضاً من واقع المجلات النسائية المنتشرة في ذلك الوقت بنظرة ناقدة فاحصة.
[size=16]ولتتوقف بعد ذلك عند التفريق بين الجمال والاناقة ، فالجمال هو الطبيعة دون تكلف والبساطة الإنسانية والفطرة كما خلقها الله حيية روحية متفتحة أما التأنق فهو الجمال المزيف المصنوع بالوسائل الآلية و سواها ، فبدلاً من أن تعتمد الفتاة على مرونة ذهنها وسعة ثقافتها ، و جمال روحها ، و رقة ابتسامتها نجدها تعتمد على كثرة ملابسها والتصنع في شعرها، و ما أجمل ما توضح نازك تلك الجناية التي تجنيها الاناقة على وقت صاحبتها حين تقول « إن الوقت الثمين الذي يضيع عند الخياطة كان يمكن أن ينفق في إسباغ الحب على أب شيخ مريض ، أو زوج مرهق أو طفل يحتاج إلى التوجيه » .
[size=16]و تتابع الملائكة استعراضها حتى تصل إلى علاج واقع المرأة و ما ذكرت من وسائل العلاج : اصلاح وضع المرأة و إدراجه ضمن مخططات الاصلاح و تختم نازك محاضرتها بتوجيه نداء إلى المرأة العربية بأن تدرك قيمتها ، و مكانتها في الوجود و الحياة ، و تضع لنفسها فلسفة جديدة ترفع شأنها ، و تعطي القيمة الاولى لذهنها و روحها ، و لتعلم أن اللباس عرض خارجي أصله الستر و دفع الحر و البرد ، و إنما الانسان بعقله و حديثه و عمله و خلقه لا بملبسه و حذائه .
[size=16]ومن الاجحاف بمكانة المرأة و مواهبها العظيمة أن تقيم حياتها على مجرد إرضاء الغريزة و تسلية الرجل ، فهي أرفع من ذلك و قد أعطاها الله من اصالة الذهن و قوة الروح و ابداع المواهب ما جعل من النساء في الوجود مبدعات في العلم و الاختراع و الفكر و الادب و الفن جميعاً ، و قد اسهمت النساء في فروع المعرفة فلا ينبغي للمرأة العربية أن تتخلف و تركن إلى غريزتها و عواطفها بأضيق المعاني .
[size=16]هكذا هي ...
[size=16]هكذا هي نازك الملائكة ، فقد كانت متجددة في فكرها ، و في أدبها ، و في فنها في عقلها ، لكنها حتماً أصيلة و متأصلة في موروثها العقلي و الاجتماعي ، بل ملتزمة إلى حد الامتثال للقيم الثابتة والراسخة في مجتمعنا العربي .
[size=16]تحية لك يا نازك الملائكة ، فكراً و شعراً ، أصالة و حداثة .